آراء وتحاليل

يمين متطرف غربي وعربي – المخطط الصهيوني

إن الأزمة الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها حقًا على المشهد الجيوسياسي الراهن، وفرضت على اللوبي الصهيوني المتغلغل داخل دواليب السلطة وغرف صناعة القرار الاستراتيجي في الدول الغربية التماشي مع هذا التحول. فالصراع القائم على الساحة الأوكرانية عجّل من بروز التجاذبات السياسية والعسكرية بين مختلف دول العالم، بين مؤيد للفرضية الروسية الصينية من أجل إنهاء الهيمنة الأمريكية وبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، وبين من هو منفتح وداعم للقرار الأمريكي ودول الناتو.

هذه التجاذبات كان لها انعكاس مباشر على المجتمع الغربي والشعوب الأوروبية التي فُرض عليها تبني المنطق الواحد والأحادي عن طريق الإعلام الموجّه والخطاب السياسي المدروس. هذا ما أدى إلى انقسام في الآراء داخل المجتمعات الأوروبية التي كانت عينة تجارب في نظر اللوبي الصهيوني المتحكم إعلاميًا وسياسيًا داخل النطاق الأوروبي. لهذا لاحظنا أن هناك تباينًا في مدى دعم القضية الأوكرانية.

أيضًا، ومن أجل التحكم الأمثل في ردود الأفعال الشعبية في أوروبا، قامت النواة الصلبة الصهيونية بعمليات تخريبية مست أحد العناصر الأساسية في حياتهم اليومية، “الغاز”، من خلال ضرب أنبوب الغاز نورد ستريم. حتى الآن لم تُكشف ملابسات وحيثيات هذه القضية إلا ببعض التسريبات من هنا وهناك وتبادل الاتهامات بين الجانب الروسي والأمريكي.

بالمقابل، نجد أن وسائل الدعاية الروسية تبنت المبدأ الهزلي تجاه الشعوب الأوروبية مثل “شتاء بارد على أوروبا، لا يوجد ماء ساخن في الحمامات”، وغيرها من مقاطع الفيديو الدعائية. هذا الإجراء الدعائي، وللأسف، كان في صالح المخطط الصهيوني الأمريكي الرامي إلى زيادة حدة الشرخ بين شعوب المجال الأوروبي والتحكم في الشعور والعقل الواعي والإدراكي للمجتمع الغربي.

من هنا نستنتج مدى تحكم اللوبي الصهيوني في قواعد اللعبة داخل الاتحاد الأوروبي وحتى الروسي، وكل هذا في صالح المخطط الصهيوني الأمريكي. الملاحظ أن الشعوب الأوروبية في بداية الأزمة كانت تساند القضية الأوكرانية، لكن سرعان ما بدأت في الاستدراك وبروز نوع من الوعي القومي الذي تزامن مع الحرب على قطاع غزة.

السؤال الواجب طرحه هو: هل يوجد محرك خفي لبروز هذا الوعي الأوروبي القومي؟ الجواب هنا مرتبط أساسًا بأسباب الجمود والخمول الذي فُرض على المجتمع الأوروبي طيلة عقود من الزمن. فالمجتمع الأوروبي كان وما زال حتى الآن رهينة في يد لوبيات صهيونية متجذرة داخل أنظمة الحكم في أوروبا، سواء كان في التيار الديمقراطي أو اليميني المتطرف.

هذا الواقع المبني على الجمود فُرض بمنطق الإعلام الموجه الذي تم التأسيس له من خلال بعض الوجوه الإعلامية الموالية للتيارات المتطرفة في كل من CNN، MBC، WASHINGTON POST، THE GUARDIAN، TV5، LE POINT، LE MONDE، FRANCE 24، EURO NEWS، ومجموعة بولوغي الإعلامية المعروفة بولائها للكيان الصهيوني الاستراتيجي.

هذه الكيانات الإعلامية عملت جاهدة على توجيه الرأي العام العالمي، وخاصة الأوروبي، لصالح التوجه والموقف الصهيوني الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية والقضية الفلسطينية.

لكن بجانب كل هذا العمل الدعائي، نجد أن هنالك عاملاً آخر مهم دخل على الخط منذ عقد من الزمن، وهو الدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية، والتي في مجملها تابعة للكيان الصهيوني والبيت الأبيض مثل منظمات سوروس ومشتقاتها من تنظيمات حقوقية وإنسانية وتهتم بالحقوق الإنسانية.

كل هذه المنظمات تجندت لخدمة الأجندة الصهيونية من أجل نشر نوع من الوعي السياسي الموجّه وإعطاء صورة نمطية معادية للإسلام والديانة المسيحية المعتدلة. لهذا نجد اليوم تناميًا رهيبًا لليمين المتطرف في أوروبا، والذي صاحبه تنامي معاداة الإسلام والمهاجرين العرب والأفارقة.

بقلم محمد لمين مغنين

مقالات ذات صلة

إغلاق