آراء وتحاليل
لوبي صهيوني خاسر شعبيًا .. بقلم محمد لمين مغنين
شهدت فرنسا مؤخرًا مظاهرات شعبية ضخمة أمام مقر قناة TF1 التي يديرها اللوبي الصهيوني، وذلك احتجاجًا على استضافة مجرم الحرب وقاتل الأطفال بنيامين نتنياهو. تُعد هذه الوقفة الاحتجاجية حدثًا هامًا وضربة قوية للوبي الصهيوني المتغلغل في دواليب السلطة في فرنسا.
على وجه الخصوص، يُعد المجلس التمثيلي للمؤسسات الصهيونية في فرنسا (CRIF) مسؤولاً عن تشكيل الرؤساء الفرنسيين منذ شارل ديغول وصولًا إلى الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، الذي لعب اللوبي الصهيوني دورًا رئيسيًا في وصوله إلى الحكم. وبالإضافة إلى هذا الدور السياسي، يمتلك CRIF تأثيرًا كبيرًا على معظم وسائل الإعلام الفرنسية، مثل مجموعة بولوريه ومجموعة بويغ، المالك لقناة TF1 وLCI، إلى جانب الإعلام العمومي الفرنسي مثل فرنس 24 وفروعها. تمكن هذا اللوبي منذ تأسيس الجمهورية الفرنسية الأولى من فرض هيمنته على العقل الجماعي للشعب الفرنسي من خلال بث رسائل مبنية على الإسلاموفوبيا، تمجيد السامية، وإنكار كل ما هو إسلامي وعربي.
علاوة على ذلك، نشر هذا اللوبي خطاب الكراهية وقمع حرية التعبير والصحافة داخل فرنسا وحتى على النطاق الأوروبي، بهدف تطبيق نظرية القطيع وخلق رأي عام موحد حول المخطط الصهيوني العالمي وتجريم عمليات التحرر للشعوب التي تسعى لتقرير مصيرها، مثل الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي المحتل.
لكن، هذه السيطرة المطلقة والحرب الإدراكية التي يقودها اللوبي الصهيوني بدأت تشهد تراجعًا ملحوظًا. فمنذ عملية طوفان الأقصى والمجازر التي ارتكبتها آلة الاحتلال الصهيونية ضد الأطفال والنساء والأبرياء، بدأ المجتمع الدولي يعيد النظر في دعمه لهذا المحتل الغاشم الذي ينتهك القوانين والاتفاقيات الدولية الإنسانية.
كما هو معروف، لا قوة أمام صرخة الشعوب وانتفاضتها. في الأشهر الأخيرة، شهد العالم الغربي موجة غير مسبوقة من المظاهرات في الجامعات والمنظمات غير الحكومية التي نددت بالجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. هذه الوقفات والمظاهرات كان لها تأثير كبير على الأنظمة الغربية المساندة لهذا الكيان، مما زاد من الضغط على دوائر صنع القرار في هذه الدول، وأدى حتى الآن إلى اعتراف بعض الدول الغربية بالدولة الفلسطينية، فيما ينتظر البعض الآخر. هذا في حد ذاته يُعد انتصارًا معنويًا للقضية الفلسطينية وضربة موجعة للكيان وللهيئات الداعمة له، التي تشهد تراجعًا مستمرًا داخل الأنظمة الأوروبية، مما قد يؤدي إلى عزلة هذا الكيان على المستوى العالمي.
من الجدير بالذكر أيضًا أن اللوبيات الإعلامية الرقمية للكيان تشهد حراكًا غير مسبوق، حيث خرج عدد كبير من الصحفيين البارزين في الصحف والتلفزيونات العالمية ينددون بالغلق الإعلامي وغياب الحيادية في التعامل مع المعلومات. أعرب هؤلاء الصحفيون عن استيائهم وخيبة أملهم في القيم التي كانوا يعتقدون بها لعقود، مثل حرية الصحافة والإعلام وحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. سيؤدي هذا الحراك إلى تداعيات كبيرة على الأداء الإعلامي والإنساني داخل المجال الأوروبي والغربي.
في الحقيقة، هناك تذمر شعبي كبير من الأنظمة الغربية المساندة إعلاميًا وماليًا وقانونيًا لهذا الكيان المستبد الذي يسعى جاهدًا لإضفاء شرعية دولية على عدوانه على فلسطين المحتلة.
في ضوء هذه الحقائق، لا يستبعد موقع طريق نيوز أن نفوذ هذا الكيان داخل النواة الصلبة في أوروبا مرشح للتلاشي نتيجة الغضب الشعبي المتزايد. ومن المرجح أن تظهر تكتلات حزبية جديدة أكثر اعتدالًا داخل النطاق الأوروبي والغربي، ويكون من أهدافها إقرار إصلاحات سياسية، تعليمية، وقانونية جذرية.
بقلم محمد لمين مغنين