دولي

تهم اغتصاب تلاحق أعضاء في الحكومة الفرنسية

بينما المشهد الفرنسي غارق في متابعة شكاوى وتهم اغتصاب موجّهة إلى وزيرين في الحكومة الحالية، ظهرت قبل أيّام اتهامات اغتصاب جديدة بحق سكرتيرة الدولة لشؤون التنمية والفرانكوفونية والشراكات الدولية كريسولا زاخاروبولو.

ووُجّهت إلى زاخاروبولو تهمتا اغتصاب خلال عملها كطبيبة نسائية، وخرجت القضية إلى العلن، الأربعاء الماضي، عبر مقال نشرته صحيفة “ماريان” الأسبوعية، وأثارت جدلاً واسعاً، وتفرّع النقاش إلى إمكانية حدوث الجريمة في السياق الطبي، وصولاً إلى علاقة المريض بمعالجه، وحدود هذه العلاقة، ومفهوم “الرضا”.

وقدمت الشكوى الأولى في 25 ماي الماضي، وبعد يومين، تمّ فتح تحقيق قضائي لـ”تحديد ما إذا كانت الوقائع تندرج ضمن القانون الجنائي”، ثم في 16 جوان، تمّ تقديم شكوى ثانية. ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر مقرّب من الملف القضائي أنّ الشكوى الأخيرة وقعت تفاصيلها في عام 2016.

وأعلن مكتب المدعي العام في باريس، في 22 جوان، أنه فتح تحقيقا بعد تسجيل الشكويين ضدّ زاخاروبولو.

وفي 24 جوان، ظهرت معلومات حول شكوى ثالثة ضدها، لكن هذه المرّة بتهمة العنف.

وأجرى أحد البرامج الفرنسية لقاءً مع الشابة التي تقدّمت بالشكوى الثالثة من دون كشف وجهها، وتحدثت عن تجربتها كمريضة مع طبيبتها آنذاك زاخاروبولو، وعن “العنف” الذي تعرضت له خلال فحص طبي نسائي في عام 2018.

وشرحت الشابة تفاصيل زيارتها إلى العيادة، وآليّات إخضاعها إلى فحص نسائي من دون موافقتها، ومن دون شرح الهدف من الفحص، على الرغم من تقديمها صورا وتحاليل طبية كفيلة بشرح المشكلة كاملةً، مشيرة إلى أنها شعرت بآلام خلال الفحص، لكن الطبيبة لم تبد أي تجاوب مع تعبيرها عن الشعور بالألم.

وأثار استخدام الشابة لعبارات “العنف” و”الرضا” جدلاً كبيراً، فرأى البعض أن النقاش خطير، وأن عمل الأطباء لا يجب أن يخضع للرقابة ولهذا النوع من التساؤلات، باعتبار أن كلّ ما يفعله الطبيب يصب في مصلحة المريض، وسخر بعضهم بقوله إنه “ربما يجب إجراء الفحوص الطبية لاحقا بحضور محامٍ”.

وردت كريسولا زاخاروبولو، في بيان، على التهم والشكاوى قائلة إن “الاتهامات الخطيرة الموجّهة إليّ في ما يتعلق بفحوص طبية سريريّة سبق أن أجريتها لتشخيص وعلاج مرضاي هي اتهامات مرفوضة ومثيرة للاشمئزاز”، نافية القيام بفرض أي نوع من الفحوص على أيّ من مرضاها من دون الحصول على موافقتهم.

أثارت الاتهامات نقاشاً موسعاً حول حقوق المرضى

وتساءلت زاخاروبولو عن توقيت هذه الاتهامات، في إشارة غير مباشرة إلى احتمال أن تكون ذات دوافع سياسية، موضحة أنه “ليس لديّ أي علم بمضمون هذه الشكاوى، وأودّ الإشارة إلى أنه تمّ تقديمها في الأيام التي أعقبت تعييني في الحكومة، وهي تخصّ استشارات طبية حصلت قبل سنوات”.

في المقابل، كانت الشهادة فرصة لكثير من النساء لاستعراض تجاربهنّ الطبية، وخصوصا مع المتخصّصين بالطب النسائي، وغالبيتها تجارب تشير إلى عدم أخذ الأطباء بعين الاعتبار تعبيرهنّ عن الوجع خلال الفحص الطبي، وتالياً شعورهنّ بالاعتداء والأذى.
وفتحت القضية نقاشا حساسا حول دقة استخدام مصطلح “الاغتصاب” في سياق طبي، وكذا إمكانية تحول الفحص الطبي إلى اعتداءً على جسد المريض، فضلا عن نقاشات حول حدود العلاقة بين المريض والكوادر الطبية.

وحركت النائبة الفرنسية ساندرين روسو، المعروفة بانخراطها في مجال حقوق المرأة ومحاربة العنف الجنسي، الجدل بتغريدة قدّمت من خلالها تعريفاً للاغتصاب، قائلة إنه “إيلاج من دون موافقة، في أي مكان، وعبر أي شيء، ومن قبل أيًّ كان”.

في حين أعاد البعض نشر نصّ القانون الذي يخالف كلام النائبة، مع الإشارة إلى أنّ وقوع “جريمة اغتصاب” يرتبط ارتباطاً مباشراً وإلزاميّاً بوجود النيّة لارتكابها، بينما استعان آخرون بالقانون الأخلاقي لمهنة الطب، والذي يلزم الطبيب بطلب موافقة المريض قبل القيام بأيّ إجراء، وأخذ إذنه قبل القيام بأي فحص طبي.

وانتقد الطبيب والروائي الفرنسي باتيس بوليو، عبر “إنستغرام”، أصحاب مقولة “نعلم أنّ زيارة طبيب النساء ليست من أجل لعب الورق”، مقارناً هذه العبارة بمقولة ثانية كثيراً ما تسمعها النساء، وهي “بمجرد صعودك إلى منزل الشاب، تعرفين أنك لستِ هنا للعب التنس”.

وشدّد بوليو على أن “طلب الموافقة قبل لمس الأعضاء التناسلية للمرضى إلزامي. هذه ليست مجرد قطعة لحم. هناك سيل من الشهادات لنساء يحكينَ عن طلبهنّ من أطباء التوقّف خلال الفحص، ولكنهم لا يتوقفون. هذا ليس طبيعيّاً. هذا مؤذٍ. هذا انتقاص من الكرامة والاستقلالية”.

وكالات

مقالات ذات صلة

إغلاق