آراء وتحاليل

كيف نعيد صياغة مجال السمعي البصري في الجزائر

هل نحن في وضعية تعتبر الإعلام سلاحا للدفاع عن الدولة الوطنية؟ أم نحن في وضعية استغلال الإعلام ضد الوطن في محيط يتسم بالتقلبات و الأخطار الأمنية الجيوسياسية الإقتصادية و الإجتماعية ؟
من الإمساك الى الإسهال الإعلامي :
شهدت المرحلة الأولى من الإعلام الوطني تحكما للدولة في وسائل الإنتاج و البث بخلفيتين اثنتين, مرافقة السياسات الوطنية و الدعاية لخيارات السلطة, و شهدت العشرينية الأخيرة استغلالا مبالغا فيه للدعاية الإعلامية لنصل إلى وسائل عمومية للإعلام تمارس اتصالا مؤسساتيا سالبا مضر و غير نافع لتنتج نتائج عكسية على جهود التنمية و التغيير التي كانت محتشمة, بل لتؤثر سلبا و تكون سببا في احتواء ظرفيا للطاقات الشعبية التي تحولت إلى انفجار كبير بما يسمى الحراك, لم يكن للإنفتاح المغلق الذي شهده السمعي البصري بداية من 2012 عن طريق قنوات بقوانين اجنبية و محتويات هجينة إلا وسيلة لتحويل الإعلام من سوق الدعاية الرسمية إلى السوق السوداء, لتظهر للعلن قنوات دون هوية ولا بطاقة تعريف تلخص حرية التعبير و الحق في الإعلام في رأيين مختلفين ظاهريا لكنهما متفقان باطنيا على تقديم حلول شكلية تغيب فيها طاقات التغيير الحقيقي سواء عن طريق الصراخ الزائد أو المواضيع الهامشية والبرامج الدعوية التي تتوجه إلى المؤمنين أكثر منه إلى المواطنين ليكون الخاسر الأكبر هو الرأي العام الذي فقد قدرات النقد و المواطن الذي فقد بوصلة التفكير في واقعه و ايجاد الحلول المناسبة.
التلفزيون العمومي الجزائري شاشة سوداء و نظرة الأعمى : عرف التلفزيون العمومي استغلال مبالغا فيه في خدمة السلطة القائمة عوض الخدمة العمومية, و من شدة الإفراط في الإستغلال اضحت النتائج عكسية و أصبح الفراغ الإعلامي يملأ خارج الوطن ببث مباشر من خلال مؤثرين اتخذوا صفة الصحافيين عن طريق الترويج لمواضيع تضر مصلحة الوطن و تتعدى حدود الأخلاق و اللابقة, هؤولاء الذين يسترزقون عن طريق الإبتزاز و باستعمال هاتفهم النقال أصبحوا أكثر تأثيرا من مؤسسة عمومية يشتغل فيها ما يقارب أربعة آلاف موظف منهم ثمانمئة صحفي, تتعدى نسبة مشاهدة هؤولاء بكثير نسبة مشاهدة نشرات الأخبار للقنوات العمومية التي لا تتعدى أن تكون مجرد سرد خيالي لقررات و تحركات وزارية , يفتقد التلفزيون اليوم إلى مرجعية قانونية تعيده إلى مصاف الخدمة العمومية, فهو لحد الآن يسير على نهج دفتر الشروط الذي أعده رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش منذ ثلاثين سنة و الذي رغم إعطائه لمساحة كبيرة للتعبير عن الحساسيات الثقافية و السياسية و الحزبية, إلا أنه ظل يستغل من جانب واحد, ألا و هو ظرورة تغطية النشاطات الرئاسية و الحكومة التي لا تعد و لا تحصى في تحركاتها و لا تحقق الغاية الأقصى في نتائجها. فمن الواجب إذا أن تعاد صياغة دفتر شروط جديد خاص بالخدمة العمومية و هذا من خصوصيات سلطة عليا للسمع البصري ليست كالحالية.
من الواجب كذلك أن يعمل التلفزيون على تحقيق القطيعة مع المحتويات و التوجهات و طرق التسيير الماضية ليحقق مشروع مجمع عمومي قائم بذاته مؤسس لقنوات بجماهير مستهدفة و محتويات تختلف من قناة إلى أخرى مشجعة للإنتاج الوطني خاصة الثقافي منه و مواكبة للتغير التكنولوجي في وسائط البث كما في نوعية الصورة و الإخراج و جمالية المحتويات, لا يجب أن يبقى التلفزيون مركز صراعات بين هذا و ذاك و لا يجب أن يبقى صحفيون إداريين غير مكثرتين بمزدوجة الحرية و المسؤولية اللتان تعتبران عماد القطاع العمومي للإعلام.
لمين مغنين

مقالات ذات صلة

إغلاق