ثقافات

عن رواية “خربشات في غشاء الشرف” والتستر عن الإغتصاب في المجتمع خوفا من الشرف

إن التفكير في كتابة رواية عن الشرف في مجتمع مسلم عربي يتستر على حرياته و يجاهد لممارستها في الخفاء أمر ليس بالهين، و ليس قرارا يأخذ بين ليلة و ضحاها.

لكن الجميل في الأمر أني لم أكن مجبرة على اتخاذ قرار ولا خططت حتى للكتابة عن الاغتصاب, كانت الرواية تأخذ مجراها و كأنها تكتب نفسها… ابتدأتْ و حالة من الحزن تغشى أسطرها الأولى، التي ظلت على الورقة قرابة سنة فقرة صغيرة جدا و بداية لشيء حزين غير مفهوم.

بعد مرور السنة قررت أن أكتب رواية تبتدأ بتلك الاسطر .. لم يكن هناك حدث يستحق ذلك الوصف البئيس سوى الاغتصاب. جعلت الشخصية الرئيسية من عنابة و لم أكن أعرف المدينة ولا زرتها إلا مرورا ودعمتها بشخصية أنثوية متحررة أخرى “خالتها” التي تعيش في العاصمة و أخذت كل الوقت و البياض الورقي و الوصف الشاعري قبل أن أقول بصراحة أن زهرة لا تستطيع الحياة دون غشاءها الذي انتزع منها.

أرضيت كل قارئ يفكر أن غشاء البكارة شيء مهم جدا و أرضيت كل قارئ يقول أنه مجرد عضو لا يمثل الشرف وأعطيت الموضوع أهميته التي يستحقها بطريقة أجدها اليوم بعد سنتين من كتابة الرواية جد مبتذلة و سطحية لكن الجيد أن الاهتمام الكبير كان يحيط بالعنوان و ليس الرواية ككل… إن وجود كلمة غشاء فقط على الغلاف كانت تجعل منها رواية مرغوب فيها و كل ممنوع مرغوب.. عرضت الرواية على دور نشر عدة و كانت ترفض وظللت مؤمنة أن العنوان ليس سببا، إنها دور نشر تتبنى أعمالا أشد جرأة وفتكا بالتقاليد و القيم . كانت ترفض لأنها محاولتي الأولى تفائلت و أصررت على المحاولة إلى أن قبلت دار المعرفة نشرها, كان أول شيء أشارت إليه المسؤولة عن النشر العنوان ثم الجملة الأولى ” كانت في كل مرة تستحم”… لم أشعر بالتورط بالعنوان أبدا لكني حرصت على إصدارها دون اسمي العائلي ابتعادا عن المسائلات العائلية… احدي نساء العائلة علقت: ألم تجدي شيئا آخر للكتابة عنه. في المكتبات كان الوضع عاديا .. مرحبا به في الغالب من طرف أصحاب المكتبات لكن لم يخلو الموضوع من تعليق تعجبي حول العنوان. الاستهجان الأكبر كان من طرف صديق صحفي عرض علي تقديم الكتاب على الجريدة التي يعمل بها… بعد أيام أعتذر أن رئيس التحرير لم يعجبه عنوان الكتاب، نفس الشيء حصل عندما عرضت على مكتبة الجملة في مدينة البليدة أن تخلصني من خمسين نسخة باقية . .. نظر صاحبها مطولا للغلاف، كان ملتحيا، تركت له نسخة ليهاتفني مساء معتذرا عن قبول العرض… لقد أخذ وقتا طويلا ليتأمل العنوان و أنا انتظر إجابته حينها. جمعية أخرى معروفة بقيمتها الفنية و الثقافية عرضت علي القيام ببيع بالتوقيع… يوم الاحتفال الثقافي لم أجد إعلانا عن الرواية على اللافتة الإعلانية بينما أعلن عن كل الروايات التي وقعها أصحابها يومها فرحت لأني وصلت متأخرة و لم أقم بالتوقيع بعد اكتشاف إقصاء العنوان. كنت انتظر ردود أفعال مثل هذه، أكثر ما متعني هو نظرة الريبة التي تتطلع بها النساء خاصة للعنوان. في الغالب كن من فئة لا تطالع … أما القارئون فكانوا متصالحين جدا مع العنوان و موضوع الرواية … المصيبة أن ليس كل المجتمع قارئا و لن يتقبل أغلبه أن نتحدث عن غشاء البكارة بصراحة و شفافية حتى لو كانت صاحبته مغتصبة.

بقلم أسماء

مقالات ذات صلة

إغلاق