آراء وتحاليل

بالأرقام .. صحتنا المريضة!

بالأرقام!
صحتنا…المريضة !
بقلم فضيل بوماله

في الوقت الذي بلغت فيه نفقات الصحة العمومية أرقاما خيالية، تراجعت فيه الصحة البشرية والحيوانية إلى مستويات كارثية أدنى منها في الثمانينيات من القرن الماضي.
وفي الوقت الذي تخرجت فيه أضعاف مضاعفة من الأطباء والصيادلة وأصبح طبيب واحد لكل 642 ساكن و طبيب أسنان واحد لكل 3962 ساكن و صيدلي واحد لكل 3079 ساكن(*)، تقهقرت نوعية الخدمات الصحية في الجزائر في القطاعين العام والخاص إلى درجة عادت فيها أمراض قاتلة من القرنين التاسع عشر والعشرين تم التحكم فيها عالميا وزالت بصفة شبه نهائية. وعلاوة على ذلك، تضاعفت أرقام هجرة الأدمغة الطبية للخارج بشكل مرعب. ففي سنة 2014، تم إحصاء 12181 طبيب جزائري في متخلف الاختصاصات كما أن عمادة الأطباء الفرنسيين أحصت في السنة نفسها 22568 طبيبا أجنبيا نسبة الجزائريين فيهم 55%. وبتحليل الديمغرافيا الطبية في فرنسا، نكتشف أن الجالية الطبية الجزائرية بفرنسا ارتفعت ب 40% بين سنتي 2011 و 2013 حيث انتقلت من 7000 الى 10 000 طبيب وهو ما يعادل ارتفاعا في سنتين فقط ب 2181 طبيب.
كم هي تكلفة الطبيب العام والطبيب الاخصائي في الجزائر في فترة تكوين تساوي بكالوريا +7 و بكالوريا +12؟ ما هي انعكاسات هذا النزف العلمي والمهني على الصحة في الجزائر؟ وكم يلزم المنظومة الجامعية من عشرات العقود لاستدراك تلك الأعداد الهائلة من حيث التكوين؟ ماهي تكلفة ذلك على خدمات الصحة العمومية وما يعادلها من هجرة المرضى للخارج بحثا عن العلاج؟ وماهي القيمة المضافة، علاوة على التكوين الجاهز،لاقتصاديات وقطاعات الصحة في البلدان المستقبلة من أوروبا الى الخليج إلى كندا والولايات المتحدة الامريكية؟
بين التكوين وبناء منظومة علمية جامعية وصحية وإعادة الاعتبار لمفهوم الحكيم والطبيب و استراتيجية النظام البوليسي في ضرب وجرح الأطباء كما غيرهم أمام العالم، تظل مسؤوليتنا جماعية في وضع حد لجرائم النظام الهادفة إلى تهميش وتهجير وإفراغ الجزائر من عقولها وكفاءاتها في جميع المجالات. دفاعنا عن الفرد الكفاءة كقيمة يحتم علينا الكفاح من أجل تغيير النظام جذريا وبناء منظومات فعالة أساسها العلم والفعالية و الاقلاع.
فضيل بوماله
(*)ONS,MPS, Annuaire, 1962-2011,Alger.

مقالات ذات صلة

إغلاق