آراء وتحاليل

حقوقيون، احزاب سياسية وشخصيات وطنية يحذرون:

استمرار السلطة في تطبيق سياستها الاحادية وتجاهلها للمعارضة سيعيد الجزائر بسنوات الى الوراء

نهاية اسبوع غير عادية في العاصمة الجزائر، فالاوضاع تسير في اتجاه واحد ووضعية الحريات والحقوق لا تنبىء بالخير. فالحبل الرفيع الذي كان بين السلطة السياسية وبعض جهات المعارضة قد انقطع وسياسة شده من الطرفين لم تعد تجد نفعا. امام وضعية مقلقة، بدات اصوات المعارضة تتحرك لتندد بانتهاك الحقوق والحريات من جهة والسلطة ماضية في تحضيرها لموعد استفتاء الفاتح نوفمبر حول مسودة الدستور التي تعد فيها الجزائريين بضمان حرياتهم وحقوقهم وبمكتسبات جديدة!

لا يجب ان تكون استاذا في القانون او سياسيا ضالعا كي تفهم ما يجري، كل ما يحدث يتراءى امام الكل وبالعين المجردة ان الحريات والحقوق اصبحت في خطر! وهو ما توقفت عليه هيئة دفاع الصحفي خالد درارني، التي نشطت صبيحة امس، ندوة صحفية، تحدثت عن الانتهاك الواضح للحريات والحقوق، حيث اشار كل من المحامي عبد الغني بادي والمحامي الحقوقي مصطفى بوشاشي والقانونية المحامية زبيدة عسول الى أنه اليوم لا يمكن للصحفي ان يقوم بعمله في ظل التضييق الذي يتعرض اليه الصحفيون لاداء عملهم، ولا النقابات ولا حرية التجمعات مضمونة ومكفولة ..فالحريات في خطر وفي تراجع مستمر.
ناقوس الخطر الذي دقه المحامون لم يات فقط بعد الحكم الصادر ضد الصحفي خالد درارني من طرف مجلس قضاء الجزائر بسنتين حبس نافذة ولكن ايضا بعد رفض ولاية الجزائر طلب حزب التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية لعقد الدورة العادية للمجلس الوطني وهو الحزب المعتمد من طرف الدولة، فهذا يعتبر تعد صارخ على حرية تنظيم التجمعات والعمل الحزبي، كما ندد به بيان حزب الارسيدي صدر بعد منع انعقاد المجلس. كما عقد المجلس الشعبي الوطني، يوم الخميس، برئاسة سليمان شنين، طلبا لتفعيل إجراءات رفع الحصانة عن رئيس الإرسيدي، النائب محسن بلعباس، وقرر إحالة ملفه على لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات ويأتي هذا الاجراء تلبية لطلب وزارة العدل.
قرار يدخل السلطة في مواجهة مباشرة مع احد احزاب المعارضة، الارسيدي، الذي يدفع فاتورة مشاركته في الحراك الشعبي منذ بدايته، بعد سلسلة من التضييقات الامنية والسياسية التي تهدف الى ادخال الحزب الى بيت الطاعة، وهو الامر الذي تحدث عنه رئيسه محسن بلعباس، أثناء انعقاد المجلس الوطني، بمقر الحزب بالابيار اعالي العاصمة، في كلمته الافتتاحية ” اننا لسنا طالبين لاي رعاية او وصاية مهما كانت طبيعتها”.
وليس فقط الارسيدي من ندد من تصرفات السلطة الحالية، حزب العمال وعلى لسان امينته العامة لويزة حنون وفي ثاني خرجة اعلامية لها بعد خروجها من السجن، حذرت من استمرار السلطة في خيارها بالسير في اتجاه واحد ، حيث قالت أنه سينتج مزيدا من التفسخ وسينتج الفوضى والفساد، لأن السلطة الحالية هي استمرار للسلطة السابقة لأنها لم تحدث القطيعة مع الممارسات السابقة”.
امام كل هذا، وككل مرة، يصمت طويلا ويخرج برسالة مطولة بالعربية و الفرنسية، رئيس الحكومة الاسبق مولود حمروش، يطلق جملة من التحذيرات في حال ان السلطة الجديدة ماضية في تطبيق سياستها ذات النظرة الاحادية وأشار إلى أن “أي رغبة في الاستمرار في العمل خارج منطق الوعي الوطني والالتزام السياسي وخارج مسار سياسي واضح، وبعيداً عن أية رقابة وتغييب الرأي العام وتنظيمه، تعني فيما تعنيه تغذية الوضع القائم ونتائجه الوخيمة”. كما دعا حمروش السلطة السياسية القائمة إلى التفكير في خيار توافق وطني يعتمد على “احترام حقائق الوضع و اللجوء للممارسة السياسية وفن الممكن لإعداد مسار توافق سياسي أو تحقيق أي تراضٍ ممكن كسبيل حتمي “.
بين نظرة عمودية الاشياء تفرضها السلطة والدعوة الى ممارسة افقية للسياسة تذهب إليها اصوات المعارضة، تتدحرج وضعية الحقوق وحرية التعبير حسب آخر ارقام منظمة صحفيون بلا حدود الدولية والتي جاءت فيها الجزائر في المرتبة 146 من مجموع 180 دولة وتتراجع بخمس مراتب عن سنوات سابقة.
وفي انتظار موعد الفاتح نوفمبر الذي قررت فيه السلطة السياسية دعوة الجزائريين الى الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد، تتجه الكثير من العيون والتحاليل الى اليات تطبيق مواد الدستور فيما تعلق بشق الحقوق والحريات.

طاوس اكيلال

مقالات ذات صلة

إغلاق