آراء وتحاليل

رسالة الى عمي لخضر … بقلم الإعلامي عمر لشموت

رسالة إلى معتقل الرأي ... إلى المجاهد لخضر بورقعة

عمي لخضر؛

لا أعرف من أين أبدأ، هل أقول لك صباح الخير، أم مساء الخير؟!!

لا أدري فعلا ما علي قوله، لكن الأكيد أنه لا خير في ظلمة الليل هذه. أتحسس رواق السجن المظلم، لكنني أعرف أن في فؤادك نور يضيء الزنزانة، وأن إشراق وجهك ينير وحشة المحبوسين، حتى سيرة جهادك تعطر المكان حيث يجتمع المعتقلون، فـأنت من بين المجاهدين العليين يا عمي.

عمي لخضر؛

كنت أخبرتك في السابق عن مرض والدي، يحزنني جدا اليوم أعلمك بأنه قد رحل إلى الأبد.

عمي لخضر؛ لقد مات والدي وأنت سجين، وبسجنك يلاحقني الموت أكثر من مرة، وفي كل لحظة وأنت معتقل أموت أيضا ألف مرة.

هل أخبرك عن السبب؟!! عمي لخضر ؛

كان أبي قد حدثني عنك في الطفولة، قال بأنك كنت زعيماً، وبعدما كبرت ورأيتك لأول مرة، اقتربت منك وقلت في قرارتي: ” صدقت والله يا أبي”. كم كنت كبيراً، نحيل الجسم، لكنك كنت عظيم الشأن، قوي العزيمة والإدارة.

في تلك اللحظة، عادت إلى ذاكرتي صورة المجاهدين، عبان رمضان، بن مهيدي، زيغود يوسف، عميروش وغيرهم.
دنوت منك لألتقط منك عبق الشهداء، قلت أنك رجلٌ رافق الصديقين والمجاهدين، أنت نور من الله في وسط هذه الظلمات.

عمي لخضر؛

رغم مرض والدي، كنت أسرق لحظات رفقتك، لكنني كذبت عليك في المرة الأولى وقلت أني أرجو إجراء مقابلة صحفية معك، لم يكن ذلك هدفي بتاتاً. سأخبرك وأنت بعيد عني الآن لعلك تغفر لي، حينما كنت أقطع الحديث مع والدي عن الثورة بسبب مرضه، كانت تتسلل إلى مخيلتي صورة أبي فيك.كنت أعيد سماع لغة والدي من خلال لسانك الطاهر، أرسم حركاته في إشاراتك وتحركاتك، كانت رائحته من رائحتك، عنفوانه من عنفوانك. رحل والدي الآن، وأنت في السجن لا تزال صامداً، لتتركني وحيدا مرة ثانية.

عمي لخضر؛

عليك أن تغدو حراً الآن، ليس فقط من أجل العودة إلى أحضان عائلتك فقط، بل لتلج حضن الوطن اليتيم دونك. سامحني عمي على أنانيتي هذه، لكنني أود فعلاً أن أكون أول من يعانقك عند الخروج، لتعيد إليّ طيف وهمس والدي الذي بداخلك.

اشتقت إليه … اشتقت إليك جداً…

لابد أن تعود إلينا جميعا يا عمي لخضر.

بقلم الإعلامي عمر لشموت

 

مقالات ذات صلة

إغلاق