ثقافات

ترميم أحد أقدم منابر الجزائر بعنابة

قامت مجموعة تراث عنابة بترميم منبر جامع الباي العثماني الذي يعود لسنة 1792
تراث عنابة عبارة عن مجموعة من الناشطين في مجال التراث على مستوى ولاية عنابة
قامت بعدة تدخلات لإنقاذ التراث العنابي على غرار عين الأسير و بئر جامع الباي.
قصة المنبر العثماني تعود إلى العشرية السوداء حين قام بعض المتعصبين بتقسيم المنبر إلى جزئين بحجة أنه طويل و يقطع الصفوف الأولى. لتبدأ رحلة المنبر في عاصفة هوجاء، فتفككت أجزاءه و حطمت قبته ليزاح المنبر و يعوض بمنبر صغير. فوضع المنبر الأصلي في غرفة مظلمة لسنوات مما عجل تدهوره.
فبعد تعرف مجموعة تراث عنابة على القصة الأليمة راحوا يبحثون عن تاريخ المنبر و عن طريق الدكتور دحدوح بالمركز الوطني للأبحاث تمكنوا من الاتصال بالأستاذ شهبي الذي قدم مذكرة قيمة عن المنبر في 1979
هنا كان المنعرج إذ بدأت المجموعة بدراسات معمقة و طويلة للتوصل إلى شكله الأصلي و ألوانه و زخارفه الأصلية، و التي تشبه في شكل كبير قصر الباي بقسنطينة و يذكر رياض سليماني عضو مؤسس للمجموعة أنه تم نقل المنبر إلى ثلاث ورشات نجارة لإتمام ترميمه نظرا لصعوبة المهمة. أما بالنسبة للزخارف الأصلية فصنعت بورشة نقاش مصري مقيم بولاية بومرداس و هو من أكبر النقاشين في أرض الوطن، حيث قام النقاش المصري محمد أبو علي بعمل كبير في وقت قصير وفق مخططات المهندسة مروى و كانت المتابعة من طرف السيد لطفي بكري الذي لم يتردد في السفر في كل مرة للتأكد من دقة العمل المنجز رغم المرض.
و في آخر المطاف تمت عملية النقش ببراعة جعلت المجموعة تطلب من نفس النقاش صنع كرسي التدريس وفق نفس النمط. و يذكر النقاش أن الكرسي صنع بطريقة تقليدية و بخشب متين يجعله يعيش لأكثر من مئة سنة.
كل هذه الأشغال تمت بفضل تبرع العنابيين الذين أبدوا تفاعلا كبيرا مع العملية.
و قد تمت تركيب المنبر في ورشة العائلة بوجمعة على رأسهم الحاج محمد ياسين الذي شغل عماله لأكثر من شهر في عملية الترميم فكان التدشين يوم الثلاثاء السابق و عاد المنبر شامخا في جامع الباي ليصبح جامع صالح الباي بعنابة يزخر بأجمل منابر الجزائر و أقدمها.
و في ظل غياب صيانة فعلية للجامع من طرف الوزارة الوصية فإن الجامع في أمس الحاجة للدعم قصد ترميمه فإمكانيات المجموعة محدودة جدا و الجامع صار بأمس الحاجة للمساعدة.
و عند اتصالنا برياض سليماني أخبرنا بضرورة تصنيف المنبر ضمن التراث الوطني من طرف وزير الثقافة بقرار وزاري لأنه أصبح لا يتق في الطرق الكلاسيكية للتصنيف لأن حسب قوله الجهات المحلية لا تعي أهمية التراث ، حيث و في تجارب سابقة للتصنيف لاحظ أن كل محاولات التصنيف بعنابة كانت مجرد وعود لم تطبق لأسباب مختلفة. فهل سيتدخل وزير الثقافة و يصدر قرارا لتصنيف و حماية المنبر العثماني لجامع الباي ؟
أم سيتعرض مرة أخرى للإهمال و التخريب ؟
فهنيئا للجزائر و لسكان عنابة على هذا الإنجاز النبيل و الراقي الذي جعل من الجامع منارة في قلب الأحياء العتيقة لبونة.

بقلم محمد لمين مغنين

الفنان القدير جمال تمتام في الديكور

مقالات ذات صلة

إغلاق