آراء وتحاليل

بعد 180 عام الداي حسين أصبح فرنسي ! .. بقلم جمال الصغير

 

صحيح أنني  لست ناقد سينمائي ولا هذا تخصصي، لكن أمارس نقدي للواقع اليومي ، وهذا لا يحتاج اختصاص ولا دراسة، لأن الصورة الواضحة تحتاج إلى تفسير واحد بدون فلسفة ولا تحليل سيكولوجي، فيلم أحمد باي الذي تكلم عنه الإعلام كثيرا في الجزائر ، وتحدثت عنه منتجته أكثر من مرة السيدة سميرة الحاج جيلالي ، كان فعليا معجزة التي طال انتظارها من وزارة الثقافة ، معجزة انتظرنا أن يفعلها أحد رجال الأعمال ويضع أمواله كلها في  هذا العمل السينمائي الضخم، والحمد الله تحققت إلا أن( الخيبة) مصير أي عمل جزائري مهما كان  سواء في السياسة أو الثقافة أو الدين أو الرياضة، بدأ الفيلم ينحرف عن تقاليد الفن والسينما حتى لفت انتباه  كل من لا يفقه في الأمر إلى المشاهدة،وهذا انحراف عملي وليس فساد تاريخ يتم تداوله على شخصية أحمد باي في سيناريو الفيلم، لأن التجربة علمتنا أن أي فيلم تاريخي مهما كانت صفته،هو دائما محل جدال بين النخب الفكرية، وذلك بسبب تعدد روايات التاريخية،لهذا يهمنا تقديم شخصية أحمد باي،وتقديم معها الشخصيات التي كان رئيسية في تاريخ أحمد باي،مثلا داي حسين.

أخر خبر سمعته أن الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو،موجود في الجزائر من أجل توقيع عقد مع المنتجة  سميرة الحاج جيلالي،من أجل تقمص دور حاكم الجزائر (داي حسين ) أغلبية الناس حينما تسمع عن شخصية تاريخية يقام  لها فيلم،تصنع صورة له في خيالها،لو كان قائد إسلامي سيكون الممثل عربي،لحية بيضاء،وجواد ابيض اصيل، وسيف صنع خصيصا له،وشهامة وقوة وعزيمة،لو كان البطل مسيحي أو يهودي سننتظر قاعديا أن يكون فرنسي أو إيطالي ، حينها ستشاهد وتستمتع بالمشاهدة حتى ولو كان سيناريو خيالي،لكن أن يكون سيناريو على قائد عربي،والممثل فرنسي أو إيطالي ، اعتقد أن الفيلم سيحكم عليه بالفشل من أول دقيقة، لنأخذ مثال من كلا الطرفين الغربي والعربي ،في 2005 الفيلم الأمريكي مملكة السماء الذي يروي عن الحروب الصليبية مع المسلمين ، اختار  مخرج الفيلم ريدلي سكوت  الممثل السوري العالمي غسان مسعود ، لأنه يعرف جيدا ان دور لن يجيده إلا عربي ، ترعرع وكبر على حكايات القائد صلاح الدين الأيوبي ، وبالفعل كان دور رائع لغسان مسعود الذي أبهر العالم بقدرته الاحترافية ، فكيف سيمثل  جيرارد ديبارديو شخصية داي حسين ؟ كيف سيقنع الناس ؟ أنا لا اشك في قدرات حتى أي شخص،لكن دور لو كان لشخص جزائري أو تركي أحسن، لأننا لحد الآن لم نعرف لغة التي سيتكلم فيها جيرارد ديبارديو، لأنه من غير معقول أن بعد 180 سنة  يصبح الداي حسين فرنسيا،اشك أن الأمر سيكون مسخرة سينمائية .

احترموا عقولنا،السينما الجزائرية مجرد جثة هامدة لم يعلن عن موتها،محاولتكم القيمة من أجل تحريكها أمر ممتع وجميل نحني له،لكن على أقل يجب أن تكون رفوف في مكانها الصحيح،أن تكون لعبة واضحة وممتعة واحترافية،أن يكون العمل ومسطر ومبدع وقابل للنجاح،لقد حكمتم على عمل سينمائي ضخم بالفشل، حتى أنكم لم تتكلموا عن الشخصية التي تجسد دور أحمد باي ، أكثر ما تكلمتم عن الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو ، وكلامي هذا ليس عنصرية بقدر ما هو حقيقة واقعية ، الأشياء حينما لا تضع في مكان المناسب نثير فوضى عارمة وتجلب الفشل وكأنها ملعونة ، والأغرب أن جيرارد ديبارديو جاء هربا من تهمة التحرش الجنسي من فرنسا ، قادما إلى الجزائر وكأنه ينوي الاستقرار فيها ، خبر صحيح أو مجرد إشاعة ، يبقى الممثل  جيرارد ديبارديو  مرفوض إعلاميا، فكيف سيرحب الشعب الجزائري سينمائيا .

 

مقالات ذات صلة

إغلاق