الأرشيفثقافات

فيلم “لم نكن أبطال”..الأرض،الدم وصرخات الرجال

عرض أمس فيلم “لم نكن أبطال” بقاعة إبن زيدون برياض الفتح،لمخرجه نصر  الدين قنيف، أمام قاعة مملوءة جاءت لمشاهدة الفيلم الذي عرف عراقيل أخرت خروجه لسنوات.

يحكي الفيلم قصة حقيقية  مستوحاة من كتاب “المحتشد” للثائر  والصحفي الجزائري عبد الحميد بن زين، الفيلم لم ينقل  كل التفاصيل المروعة التي  أوردها المجاهد في  كتابه  “لم يكن بإمكاننا تصوير كل مشاهد التعذيب،و الاهانة،والترويع التي مارسها الجنود الفرنسيون واللفيف الأجنبي والحركى ضد المعتقلين” يقول مخرج الفيلم.

تبدأ قصة ” لم نكن أبطال” حين ينتقل مجموعة من المساجين من سجن “لامباز” إلى معتقل بوغاري بولاية المدية السيء الذكر.فى البداية إستبشرت المجموعة بهذا التنقل،من سجن مروع،وجدران ضافقت فيها أنفسهم إلى مخيمات يشاهد فيها المعتقل على الأقل زرقة السماء وشمس  النهار ،وبعض النسيم.لينقلب تفاؤلهم إلى صدمة نفسية حقيقية ما إن وطأت أقدامهم غبرة المعتقل الجاف المرتوي بدماء من سبقوهم، وجد الوافدون الجدد  معتلقين في  حالة كارثية، جلدا فوق عظم ،هايكل عظمية تمشي ، ونظرات تأبى أن تموت.

“نحن مساجين حرب،نطالب بمعاملتنا وفق معاهدة جنيف” هكذا تكلم بن زين المثقف الواعي برهانات وقوانين زمانه.

لم تحترم السلطات الفرنسية،لا معاهدة جنيف ولا غيرها. انطلقت في عملية ممنهجة ومنظمة،من أجل كسر  معنويات المعتقلين ودفعهم إلى  نكران جبهة التحرير الوطني،و خدمة فرنسا.لم يستطع المخرج إيصال  فضاعة المحتشد كليا، خاصة مع ضعف أداء بعض الممثلين الأجنبين،الذيم لم يقنعوا،كما  عرف الحوار بين المساجين بعض التكرار والرتابة، قبل أن يتكفل بن زين ورفقاه، من شد إنتباه المشاهد،الذي يتابع كل جرة قلم يخطها الممثل  أحمد رزاق تحت غطائه الرقيق الذي لا يقيه برد المحتشد.يروي فيه الإهانة النفسية والجسدية،سوء التغذية، الاعمال الشاقة، السب والشتم، والاعتداءات الجنسية.يخط البطل مآساته  ويبعث أوراقها داخل قفة أمه، ليكشف للعلم وحشية بلاد “حقوق الإنسان”. ويكشف معها  صمود الرجال،رغم البكاء،ورغم الصرخات،ورغم جثث الأصدقاء التي إرتقت في “أشغال الخشب” (تسمية يتداولها الجنود الفرنسيون تعبيرا عن التصفيات الجسدية التي مارسوها ضد المساجين دون محاكمة).ورغم لحظات الضعف الإنسانية صمد السجناء..وتحولت صرخات الأمل إلى صيحات  إنتصار.

 

 فيلم “لم نكن أبطال” ورغم النقائص الواضحة والتي  فسرها المخرج بنقص الامكانيات،الشيء الذي أخر الانتهاء منه في وقته المحدد .يمثل  نقلا ضروريا لما عايشة الثوار الجزائريون من جحيم فوق الأرض.

 

 

مقالات ذات صلة

إغلاق