“أنا حالة إنسانية”، هو عنوان الفيلم القصير للمخرج الجزائري المقيم بفرنسا محمد زاوي، في دقيقتين وعشرين ثانية وبحضور شخص واحد يقف وسط ساحة “لاديفونس” بباريس، 150 ثانية من الأبيض والأسود تتخللها ثلاث معزوفات لأم كلثوم وفريد الأطرش والعازف الجزائري علّة، الذي صنع صورة رائعة مرافقة للنظرة الشاخصة لشيخ تائه يرى العالم يتحرك من أمامه ويسرق شيئا من عينيه الذابلتين ليرى بها أنوار مدينة الجن والملائكة.
الفيلم تم اختياره ضمن عشرين فيلما للمشاركة في الطبعة السابعة لمهرجان “نيكون” والذي يحمل شعار “أنا لقاء يمتد لدقيقتين وعشرين ثانية”، في بداية الفيلم وحين يظهر ذلك الشيخ ترافقه كتابة بالفرنسية تقول “هذا الشخص ليس ممثلا لقد لاقتني به الصدفة وأنا أتجول في ساحة “لاديفونس” وهو يستمع لأم كلثوم وفريد الأطرش نظرت إليه ملّيا قبل أن أخرج كاميرتي لاصوّره، لقد كان شاخصا يتأمل ما أمامه في صمت، لم يكن أحد يعير إهتماما لتواجده كان غارقا في الموسيقى، بنظرة واحدة جعلته سيد ذلك المكان لقد اقتنصت الفرصة وصورت هذه اللحظة الغارقة في تفاصيل هذه الحالة الإنسانية”.
من الوهلة الأولى كان يبدو ذلك الشخص حقا غارقا في حالة غريبة من الوحدة والاغتراب، كألاف الجزائريين في بلاد المهجر، كان حالة إنسانية بإمتياز حتى وإن ظلّ صامتا لكن تقاسيم وجهه الحزين تحكي مئات حكايا الحزن. كيف لشخص أن يحمل معه طبق الكسكسي ليكون غذاءه له وسط أحد أكبر ساحات باريس حداثة، لم يكن ذلك الشخص يهتم لأي شيء يتناول وجبته مستمعا للموسيقى، ومن وهلة لأخرى يرفع رأسه ليرى ما يدور حوله وما حدث للعالم أثناء غيابه لبعض الثواني.
تم تصوير الفيلم بكاميرا واحدة من دون مؤثرات، وفي وضح النهار من دون إضافة أي تعديلات وصور كاملا بالأبيض والأسود، ألوان الحزن و الزمن الجميل. عوامل ساعدت الفيلم كي يضمن لنفسه مكانا في القائمة النهائية لمهرجان “نيكون”، بعد أن تم ترشيح 1274 فيلما للمسابقة، “أنا حالة انسانية” قصة الكثير من الجزائريين الذين غادروا البلد لظروف قاهرة، والعديد منهم يعيش وسط ظروف صعبة بعيدا عن الأهل والأقارب، وسط غربة لا تريد أن تنتهي.