عرفت صورة رشيد نكاز تغيرات كثيرة في السنوات الأخيرة ،ففي بداية ظهوره المفاجئ على الساحة السياسية قبيل رئاسيات 2014 ،وجد نفسه أمام موجه تخوين وسب كبيرتين نظرا لما ترسّخ في عقول الجزائريين من خوف وتوجس من كل شخص أو فكرة قادمة من خارج الحدود.
موجات التخوين .. وردود الفعل
واجه القادم الجديد تلك الهجمات بخطة تبدو محكمة، أولا تخليه عن الجنسية الفرنسية بكل ما للفعل من رمزية لدى شريحة واسعة من المتتبعين. وكذا وضعه على طاولة الجدل صوره مع منّقبات فرنسيات قال بأنه تكفل بغرامتهن المالية، ليسجل نقاط أخرى لدى فئات تتأثر بداهة بكل ماهو متعلق بالدين والأعراف.
كما بذل مجهودا كبيرا من أجل تحسين مستواه في اللغة العربية،ومن هنا انطلقت السياسة الاتصالية لنكاز التي تهدف أساسا لاستقطاب أكبر عدد ممكن المتابعين بأي وسيلة كانت بما فيها الشعبوية مثل ما حصل عندما قارن بطريقة غير مقبولة بين البطل الشهيد بن مهيدي و”هاكر” جزائري سجن بتهمة سرقة أموال الناس .. وهي أخطاء يقع فيها حتميا كل من يسعى للحصول على قاعدة شعبية بأسرع وقت ممكن.
نكاز .. وفيديوهات من قلب الحدث
مهما كان موقفنا من رشيد نكاز وخلفياتنا من طريقة ممارسته للسياسة تبقى زيارته إلى غرادية في وسط الأحداث الدامية،مع ما صاحبها من دخول حقيقي وسط المتخاصمين بكل ما في الأمر من خطورة جسدية حقيقية غير مصطنعة (بغض النظر عن الهدف السياسي من التحرك ذاته) حدثا بارزا في إعادة هيكلة صورة نكاز السياسية، حيث لاقى ذلك الفعل قبولا واسعا وإشادة منقطعة النظير.وبنفسالحدة ونفس الذكاء في اقتناص الفرصة وجدناه في فيديو من الشلف حين حاول اعتراض طريق شكيب خليل. كلها محطات استطاع بها نكاز أن يكسر الحاجز الموجود بين المواطن والسياسي فرغم طغيان الجانب الفلكلوري في تحركه الا أن غياب الرسميات المملة التي نجدها لدى غيره من السياسيين منحته قبولا لدى الناس /كما تظهره الصور التي ينشرها معهم.
إعجاب افتراضي وعزلة ميدانية
يعتمد نكاز على وسائط التواصل الاجتماعية بشكل شبه كلي في اتصاله السياسي ،حيث تعرف صفحته نقاشات وتواصل بين أتباعه ومحبيه ، وهو أمر معمول به لدى الأحزاب والشخصيات السياسية الأخرى في حين صنع نكاز الاستثناء في العمل الميداني فلم يعد بالإمكان عدّ المسيرات التي قام بها ولا الوقفات بما في ذلك وقفاته في باريس أمام شقق المسؤولين الجزائريين كما خطف كل الأضواء بعد أن أطلق ما يشبه حملة مطاردة ضد وزير الطاقة السابق شكيب خليل ، ليبقى الرهان الأكبر لمن يطمح لحجز مقعد في التشريعيات المقبلة هو نقل ذلك الزخم الافتراضي الذي يرافقه غالبا إلى الواقع الميداني أو حتى إلى أصوات ناخبين ..فغالبا ما يكون الحضور جد محتشم في الوقفات التي يدعوا لها أمام البريد المركزي ، كما يعي نكاز جيدا بأن 10 ألاف إعجاب في منشور لا يعني بالضرورة 10 ألاف صوت داخل الصندوق.
التشريعيات ورهان الجدية
ويبدو أن التشريعات المقبلة ستفصل نهائيا في مدى جدية طرح وشخصية رئيس حركة الشباب والتغيير غير المعتمدة خاصة بعد نكسة الرئاسيات التي خسر فيها نكاز ليس من الجانب الانتخابي أو التنافسي فحسب بل في تقديم نفسه كشخص جاد. خاصة بعد الطريقة “الهوليودية” التي اختفت بها الاستمارات وكل ما صاحبها من تهكم وشك … بغض النظر عن الحقيقة في ذاتها فالمهم هنا هو ماترسّخ في الأذهان،وهو شيء فهمه نكاز جيدا حيث تواصل فرقه الإلكترونية في حث الناس على التوجه لقوائم حركته وبالمقابل زادت حدة الخطاب السياسي والنقدي لدى نكاز بشكل ملحوظ حيث تحول إلى تسمية الوزراء واتهامهم بشكل مباشر بالفساد . كل هذا قد يسمح له بالفوز بمقعد في التشريعيات المقبلة في حال ما قبلت قائمته ، خاصة بعد أن أُغلق طريق المرادية في وجهه بقوة الدستور نهائيا.
نكاز..يبحث عن مشروع سياسي
ليبقى أكبر فراغ يمكن أن يلاحظه المتتبع، لرشيد نكاز هو غياب معالم مشروع سياسي حقيقي .يمكننا القول بأن نكاز غرق في تزيين وتنقيح الشكل دون أن يركز على المحتوى ،حيث تبقى اقتراحاته الاقتصادية (على قلتها) غير واقعية وهدفها الأساسي كسب ود المتتبعين. في حين أن العمل السياسي خاصة في جو الأزمة التي تعيشه الجزائر يستوجب جدية أكثر،جدية إن غابت مطولا ستحكم على نكاز بلعب دور هامشي في العمل السياسي في الجزائر.
جعفر خلوفي