آراء وتحاليل

الجهل والتخلف …لا يليق بنا يا سيدة بن غبريط !!

حاولت كثيرا أن أفهم ما تفعله وزيرة التعليم والتربية في الجزائر السيدة نورية بن غبريط ، وذلك بمحاولاتها العديدة إبعاد اللغة العربية وحصرها في زاوية [ التخلف ]على حسب رأيها ، لكن لم أجد خطوات علمية أو قناعة  واقعية تجعلني أقتنع بإبعاد الله العربية عن بعض المواد العلمية التي تكلمت عنها الوزيرة ،سأنضم إلى قافلة المعارضين لها لأن من طبيعي جدا أن الوزيرة على خطأ كبير وعظيم ، ومن حقي أن أعيد كلام بعض الشرفاء عنها  [ أنها تنفد في مشروع سياسي ]وصلت المرحلة التي اختلطت فيها السياسة مع التعليم في  الجزائر ، أنبت لنا نبات التخلف  والإضرابات المستمرة و وعود التوظيف المزيفة ، كل هذا يجعلنا نطرح عدة إشكالات :

أولها  : لما لم تركز الوزيرة على زاوية التطور من بوابة اللغة العربية  ؟

ثانيا : لما تحصر اللغة العربية في زاوية التخلف وتحاول استبدالها بالفرنسية ؟

ثالثا : هل تعرف معالي الوزير قيمة لغة العربية عند العلماء ؟

التطور هو وسيلة  لإخراج الأمم من العهد القديم إلى العهد الجديد مع مواكبة العالم والسير مع قافلة العالم الحديث ، التطور مع لغة الأم يجعلك تتفتح على  لغة العلم الأصلي ، كيف بدأت الحضارة العلمية  ألم تبدأ  عن طريق اللغة العربية وصدرها  المستشرقين إلى أوربا بلغتهم  الوطنية ، لماذا بعد قرون وقرون تظن معالي الوزير أنها لغة تخلف ، أليس من غباء وصف لغة التي قال عنها الأستاذ ماكس فانتا جوا في كتابه المعجزة العربية : ”الحق أن مؤرخينا قد حاولوا جهدهم أن يجعلوا من العالم الغربي محوا للتاريخ مع العلم بان كل مراقب يدرك أن الشرق الأدنى هو المحور الحقيقي لتاريخ القرون الوسطى” أو ذلك الاجتماعي شبلنجر حيث سجل ملاحظاته في كتابه الشهير “إنهيار الغرب” قائلا:”لقد لعبت العربية دورا أساسيا كوسيلة لنشر المعارف،وآلية التفكير خلال المرحلة التاريخية التي بدأت حين احتكر العرب على حساب اليونان والرومان عن الهند،  ثم انتهت حين خسروها”  نقطة الصفر كانت كل العلوم والمعارف تحت رحمة اللغة العربية ، لغة العلم والتطور والإزهار ، اللغة التي أخرجت أوربا من جاهلية  وسنوات الظلام إلى سنين بروز المجد والغزارة العلمية ، اليوم لم ترجم من طرف معالي الوزيرة التي فتحت سد في اللغة العربية وأدخلت فكرتها الغبريطية على قواعد لغة الأم بمحاولة إبعادها ،وكأنها أصبحت فوبيا لها لا تجيدها ولا تستطيع أن تركب جملة فوق بعضها ، ألا تعلم معالي الوزيرة أننا صحيح نقرأ الحروف ونركب جملة لكن بحر اللغة العربية الكبير القليل منا يسبح فيه ولا يغرق ، إن الأندلس الإسلامية علمت أوربا القديمة كيف تكون حديثة بكل معاني بداية طريق الإبداع لذلك سقوط الأندلس كان حلم كبير وبداية عصر جديد لأوربا، والحفاظ على التاريخ كان أمر مهم جدا وتعدد وتطور الوسيلة لانتقال المعلومة جعلتهم يقومون بتزوير التاريخ لصالحهم لأنهم نجحوا في إقناع الكل بأفكارهم أنهم هم الأقوى ، لكن مصدر خروجهم من التخلف المزعوم

و الواقعي الذي سجله  التاريخ عليهم أن [ لغة العربية ]، نسبة عدد متحدثيها في العالم 6.6%، وهي واحدة من أقدم لغات العالم، ويتحدث بها غالبية سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبالأخص سكان البلدان العربية كافة. وعلاوة على ذلك، يقبل الملايين على تعلم اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم، وهناك الملايين من المسلمين في بلدان أخرى يتحدثون العربية أيضا.

علينا أن نقبل  بالمستحيل والواقع التي تمشي بيه معالي الوزيرة أنها مجرد مشروع سياسي لضرب  لغة الأم الوطنية [ اللغة العربية ] وليس لها أي فكرة مطروحة على الساحة السياسية ، تجعلنا نقول أنها تحاول تطوير التعليم ، كلما نسمع خبر من وزارة التعليم الوطنية نجد مشكل تعليمي،الكل يركز على أن إصلاح التعليم واجب، وفتح أبواب على التعليم أمر يجب أن يكون لكن الحركة البطيئة التي تقوم بيها معالي الوزيرة من أجل إصلاح التعليم حركة خاطئة وتعجل في ازدواجية الأمور ،الأمر الأول  نشر جاهلية البطالة في أوساط المتعلمين وذلك  للخروج من دراسة مبكرا والأمر الثاني تأخر العقول عن التفكير يضمن استمرارية النظام وسياسته،التعليم والسياسة طرق منفصلة عن بعضها البعض ولا يجب أن يلتقيان ، لأن إذا حدث وكانت حركة مرور تعكس الأمور وتجعل طريق السياسة  بطريق التعليم ، تحدث أشياء كثيرة ،لماذا خبراء اليابان يضعون خط أحمر لتدخل السياسة في التعليم  ونحن نضع لها بساط أحمر لتدخل إلى تعليم ، إن تعليم مهد حضارة ويجب إعادة صناعته يوميا وتطويره لا التفكير في قتل المواهب التي وهبها الله إلى بعض أذكياء العالم  إن النظام القديم للرئيس الراحل هوراي بومدين كان يدرك حقيقة التعليم وتطويره ومساعدة العقول لنبط الحياة فوق أرض وهبها الله العلم .الحكمة . القدرة على تسيير الأمور وإعادة الصيغة من الأحسن إلى الممتاز.واليوم معالي الوزيرة لم تصبحين تلك الوزيرة التي  أحضرها النظام إلى منصب حساس ومهم  وعمود الجزائر [ التعليم ] لإطلاق إصلاح المنتظر لإعادة صيغة التعليم من مستنقع التخلف إلى بحيرة العلم  والتطور.

قيمة لغة العربية  عند الفرنسيين أكثر من عند العرب  ألم  تطلعي على مقال  المؤرخ والكاتب الفرنسي [ إرنست رينان ] حينما قال : ” فهذه اللغة تبدو لنا بكل كمالها و مرونتها  وثروتها التي لا تنتهي  لقد كانت هذه اللغة  مند بدايتها على درجة من الكمال ”  الفصل الوحيد من كلام أرنست أنها اللغة الوحيدة الكاملة هي العربية ، ارنست ليس متخلف حتى يرى اللغة العربية من زواية أخرى غير العلمية  ، ما هو الفرق بين ما يحدث الآن وما قاله أرنست ، تحاولين أن تطبقي  لغة أرنست التي كان يراها ناقصة جدا وليست لغة العلم والعمل والتطور ،  ويعجبني حديث المستشرق الفرنسي أيضا [ لويس ما سينيون ] حينما قال : ”استطعت اللغة العربية  أن تبرز طاقة الساميين في معالجة التعبير عن أدق خلجات  الفكر سواء كان ذلك في الاكتشافات العلمية  والحسابية أو وصف المشاهدات أو خيالات  النفس وأسرارها.. واللغة العربية هي التي أدخلت  في الغرب طريقة التعبير العلمي، والعربية من أنقى اللغات ”  المستشرق لويس هو ينفسه أدخل اللغة العربية إلى الفرنسيين بعد أن صدر لهم الحكمة الفلسفية بالطريقة العربية التي جعلت من أمة العربية مهد للحضارة وفهم العلوم  ن فرنسيون أرنست ولويس مازال دراساتهم تدرس في  الجامعات الفرنسية والمدارس ، فكيف يا معالي الوزيرة أن تكون لغة العربية لغة التخلف والجهل ، وهل الفرنسية هي الحل وهي العصا السحرية  للإصلاح التعليم وإخراجه من مستنقع التخلف ،بصراحة ابتعاد اللغة العربية عن منهاج التدريس  ما هو إلا انطلاق التخلف بدرجة كبيرة ، الجهل والتخلف …لا يليق بنا يا سيدة بن غبريط …

جمال الصغير

djamel.sghier@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق