آراء وتحاليلرؤية

رؤية .. الطريق إلى المواطنة ( بقلم جعفر خلوفي )

إنطلقت حمى تشريعيات 2017 من دون مقدمات، فعلى بعد أقل من عام عن هذا الموعد المهم بدأت حروب التموقع ،وإنتشرت موجة التصحيحيات وتهاوت التكتلات الحزبية،أمام غياب أو تغييب الفاعل الأهم (على الأقل نظريا) وهو المواطن.

وقبل الحديث بعجالة عن واقع الاقتراع في الجزائر بودي أن أشير إلى العزلة الخانقة التي يعاني منها مصطلح “المواطن” في أدبيات النقاش عندنا. فمن المؤكد أنكم لاحظتم بأن المُصطلحات الدونية التي يُنعت بها الشعب تحولت إلى مُسلمّات لا يجُوز رفضها مثلا “القطيع ،الأهالي،الأنديجان ،الغاشي” ومصطلحات أخرى لا يمكن ذكرها في مقامنا هذا .وهنا لا أرٍيد مناقشة صحّة هذه التسميّات من عدمها أو الدخول في شعبوية “تعظيم الشعب” دون سبب ظاهر .كما يفعل السياسيون لكسب الأصوات،لكن وفي كل الأحوال وجب علينا الخروج من قوقعة التابع، الخانع ،المفعول به دائما .

وأن ننطلق في رحلة فردية وجماعية لبلوغ مرتبة “المواطن” التي نعم لم نبلغها بعد ،ولن نبلغها إن ترسّخ في ذهننا بأننا “غاشي” إلى الأبد.لقد سُمّرت هذه المصطلحات في وعينا وفي لاوعينا وحان وقت اقتلاعها وذلك بأن نرفض أولا كأفراد هذه المكانة وأن نحاول في أبسط الأمور وأتفهها من حياتنا اليومية أن نتصرف كمواطنين بكل ما في الكلمة من نبل وعمق.

بالعودة إلى موضوع التشريعيات أو الانتخابات بصفة عامة ،فغالبا ما يجد الجزائري نفسه أمام معضلة حقيقية فمن جهة هو يعلم أن الانتخابات تكاد تكون عملية شكلية يُخيّل فيها للناس بأنهم يشاركون في صناعة القرار.بالإضافة إلى الخاصية الجزائرية المتمثلة في التزوير بشكل معمم،لنأتي أخيرا للوعود الكاذبة التي تحولت إلى هواية لدى بعض ساستنا ،كلها عوامل ساهمت في عُزوف أو في فرار الشعب من الانتخابات وكفره بها كُفرا بواحا .بالمقابل..آه لا يوجد شيء يقابل أو يعوض هذا الرفض الذي يبقى فكرة جامدة لم نستغلها في إيجاد حلول أخرى تخرجنا من هامش التاريخ الجزائري الحديث كغالبية غير فعّالة. فلنأخذ مثلا ما حدث في النمسا..مؤخرا سنجد بأن 31 ألف صوت فقط هم من فصلوا في من سيكون رئيسا للجمهورية بين مترشحين يقفان على النقيض فكريا وأيديولوجيا…هذا السيناريو غير وارد تماما في الجزائر..فرغم ظهور أصوات جديدة تنادي بالمشاركة في التشريعيات والرئاسيات المقبلة ومراقبتها وعدم اعتماد سياسة الكرسي الشاغر،نجد فئة أخرى ترفض منح المصداقية للسلطة التي ستسيطر بأحزابها على النتائج سواء شاركت المعارضة أو قاطعت…لاحظوا معي المقترح الأول المتمثل في مراقبة الانتخابات مركز بمركز وصندوق بصندوق…هذا العمل الجبار سيتجسدُ يوم ننهي رحلتنا نحو “المواطنة” التي انطلقنا فيها في بداية المقال.

جعفر خلوفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق